اصطفى الله سبحانه وتعالى من بين خلقه الرّسل والأنبياء، حتّى يوصلوا رسالاته إلى النّاس، وقد ختم الله سبحانه وتعالى رسله وأنبياءه برجلٍ كان في الصّفات والأخلاق أفضلهم، بل كان أفضل الخلق وسيّدهم بلا منازع، وهو نبيّ الأمّة الإسلاميّة محمّد بن عبد الله القرشيّ الهاشميّ عليه الصّلاة والسّلام، فكيف كان خُلقه قبل البعثة وبعدها؟
أخلاقه قبل البعثةعُرف النّبي عليه الصّلاة والسّلام قبل البعثة بصفاتٍ جليلةٍ، فقد كان يُعرف بالصّادق الأمين؛ لصدق حديثه وأمانة أخلاقه، كما عُرف عنه الحكمة وسداد الرّأي، حتّى إنّهم كانوا يعتبرونه مرجعًا لهم حينما تختلف آراؤهم، ومن ذلك حادثة الخلاف الشّهيرة التي نشبت بينهم عند وضع الحجر الأسود، حيث استقرّ رأيهم أن يكون محمّد عليه الصّلاة والسّلام من يحسم الخلاف في ذلك، وقد أشار عليهم بأن يبسطوا رداءً فيضعوا عليه الحجر الأسود، ثمّ يمسك سيّد كلّ قبيلةٍ بطرف منه فيحملونه جميعًا، وقد طهّره الله سبحانه من رجس الجاهليّة، ودنسها فلم يقترف إثمًا أو خطيئة، بل كان مبرّءاً من ربّه قبل البعثة وبعدها.
أخلاقه بعد البعثةوبعد أن اصطفي الله سبحانه نبيّه محمّد عليه الصّلاة والسّلام لحمل رسالة الإسلام، انطلق إلى عشيرته وقومه يدعوهم بأخلاق الإسلام وقيمه النّبيلة، وقد كان عليه الصّلاة والسّلام بحقٍّ قدوةً في أقواله وأفعاله، بل حتّى في صمته، وضحكه، وحزنه، وعبادته، وسائر شأنه، فقد كان خُلُقه القرآن كما وصفته السّيدة عائشة رضي الله عنها، كما كان أحسن النّاس خُلُقًا وسمتًا وهديًا، ومن الأمثلة على ذلك نذكر:
تعامل النّبي عليه الصّلاة والسّلام مع الخدمفقد كان الصّحابيّ الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه يخدم النّبي الكريم، فوصف حاله بقوله: خدمتُ النّبيّ الكريم عشر سنوات، فما قال لي أفٍ قطّ، وما قال لي لشيءٍ فعلته لِمَ فعلتَه، ولا لشيءٍ لم أفعله ألا فعلته، فقد كان رحيمًا ودودًا محبًّا للنّاس أجمعين.
تعامله مع أهله وزوجاته فقد ضرب النّبي عليه الصّلاة والسّلام أروع النّماذج في تعامل الزّوج مع زوجته وأبنائه، فقد كان يُحسن عشرتهم ويمازحهم، ويتّخذ الرّفق منهجًا دائمًا في التعامل معهم، بعيدًا عن العنف والشّدّة. تعامله مع أصحابه كان عليه الصّلاة والسّلام لا يقابل أحدهم إلا ابتسم في وجهه وبادره بالسّلام والمصافحة، ولا يُنزل يده حتّى يكون الصّحابيّ هو الذي يُنزلها أوّلًا، وقد كان في مجلسه يوزّع نظراته بين أصحابه، حتّى يظنّ كلُّ واحدٍ منهم أنّ النّبي الكريم لم ينظر إلا إليه. تعامله مع الفقراء والمحتاجين كان الرسول الكريم يتذكّرهم دائمًا ويتعاهدهم بالطّعام والشّراب، كما كان رفيقًا بحالهم حريصًا على سدّ حاجاتهم، وتفريج كرباتهم ومجالستهم.المقالات المتعلقة بكيف كان خلق الرسول صلى الله عليه وسلم